مشروع الإحياء
مشروع الإحياء
مشروع الإحياء مدونة توفر مقالات تعليمية هادفة في مختلف المجالات

شرح رثائية الخنساء كاملة: قذى بعينك أم بالعين عوار

مؤمن محمد عبد الستار الجمعة، 7 فبراير 2025
إحياء اللغة
شرح رثائية الخنساء الشهيرة

هي تُماضر بنت عمرو، ولُقبت بالخنساء لارتفاع أرنبتي أنفها، هي شاعرة عاصرت العصر الجاهلي وصدر الإسلام، اشتهرت بشعرها في رثاء أخيها صخر.. وبالذات برائيتها التي نقرؤها معا في هذا الشرح..

دمجتُ في هذه القصيدة روايات عدة معا، إذ توجد أبيات في هذه القصيدة مروية بأكثر من طريقة، كأول بيت مروي قذى بعينك أم بالعين عوار ومروي أيضا ما هاج حزنك أم بالعين عوار، أو البيت السابع عشر مروي أغر أبلج تأتم الهداة به ومروي وإن صخرا لتأتم الهداة به. أخذت الرواية بداية من ديوان الخنساء بشرح ثعلب، ثم عدلت الرواية وأخذت أبياتا معينة من روايات أخرى لتسهيل الشرح لأن الروايات الأخرى في تلك الأبيات أبسط أو أسهل أو أجمل بالنسبة لي، كما حذفت بيتين من رواية ثعلب لأنه توجد روايات أخرى ليس فيها البيتان ورأيت أن أختصر بحذفهما. وصواب هذه القرارات خاضع للآراء الشخصية لذا قد لا يكون الحذف والتبديل أفضل قرار بالنسبة لكل الناس.

مَا؟ هَاجَ حُزْنُكِ أَمْ بِالْعَيْنِ عُوَّارُ؟

أَمْ ذَرَّفَتْ أَمْ خَلَتْ مِنْ أَهْلِهَا الدَّارُ؟

كَأَنَّ عَيْنِي لِذِكْرَاهُ إِذَا خَطَرَتْ

فَيْضٌ يَسِيلُ عَلَى الْخَدَّيْنِ مِدْرَارُ

تَبْكِي لِصَخْرٍ هِيَ الْعَبْرَى وَقَدْ وَلِهَتْ

وَدُونَهُ مِنْ جَدِيدِ التُّرْبِ أَسْتَارُ

تَبْكِي خُنَاسٌ فَمَا تَنْفَكُّ مَا عَمَرَتْ

لَهَا عَلَيْهِ رَنِينٌ وَهْيَ مِفْتَارُ

تَبْكِي خُنَاسٌ عَلَى صَخْرٍ وَحَقَّ لَهَا

إِذْ رَابَهَا الدَّهْرُ إِنَّ الدَّهْرَ ضَرَّارُ

لَا بُدَّ مِنْ مِيتَةٍ فِي صَرْفِهَا غِيَرٌ

وَالدَّهْرُ فِي صَرْفِهِ حَوْلٌ وَأَطْوَارُ

قَدْ كَانَ فِيكُمْ أَبُو عَمْرٍو يُسُودُكُمُ

نِعْمَ الْمُعَمَّمُ لِلدَّاعِينَ نَصَّارُ

صُلْبُ النَّحِيزَةِ وَهَّابٌ إِذَا مَنَعُوا

وَفِي الْحُرُوبِ جَرِيءُ الصَّدْرِ مِهْصَارُ

يَا صَخْرُ وَرَّادَ مَاءٍ قَدْ تَنَاذَرَهُ

أَهْلُ الْمَوَارِدِ، مَا فِي وِرْدِهِ عَارُ

مَشَى السَّبَنْتَى إِلَى هَيْجَاءَ مُضْلِعَةٍ

لَهُ سِلَاحَانِ أَنْيَابٌ وَأَظْفَارُ

فَمَا عَجُولٌ عَلَى بَوٍّ تُطِيفُ بِهِ

لَهَا حَنِينَانِ إِصْغَارٌ وَإِكْبَارُ

تَرْتَعُ مَا رَتَعَتْ حَتَّى إِذَا ادَّكَرَتْ

فَإِنَّمَا هِيَ إِقْبَالٌ وَإِدْبَارُ

لَا تَسْمَنُ الدَّهْرَ فِي أَرْضٍ وَإِنْ رُبِعَتْ

فَإِنَّمَا هِيَ تَحْنَانٌ وَتَسْجَارُ

يَوْمًا بِأَوْجَدَ مِنِّي يَوْمَ فَارَقَنِي

صَخْرٌ، وَلِلدَّهْرِ إِحْلَاءٌ وَإِمْرَارُ

وَإِنَّ صَخْرًا لَكَافِينَا وَسَيِّدُنَا

وَإِنَّ صَخْرًا إِذَا نَشْتُو لَنَحَّارُ

وَإِنَّ صَخْرًا لَمِقْدَامٌ إِذَا رَكِبُوا

وَإِنَّ صَخْرًا إِذَا جَاعُوا لَعَقَّارُ

وَإِنَّ صَخرًا لَتَأتَمَّ الهُداةُ بِهِ

كَأَنَّهُ عَلَمٌ فِي رَأْسِهِ نَارُ

جَلْدٌ جَمِيلُ الْمُحَيَّا كَامِلٌ وَرِعٌ

وَلِلْحُرُوبِ غَدَاةَ الرَّوْعِ مِسْعَارُ

نَحّارُ راغِيَةٍ مِلجاءُ طاغِيَةٍ

فَكّاكُ عانِيَةٍ لِلعَظمِ جَبّارُ

حَمَّالُ أَلْوِيَةٍ هَبَّاطُ أَوْدِيَةٍ

شَهَّادُ أَنْدِيَةٍ لِلْجَيْشِ جَرَّارُ

فَقُلْتُ لَمَّا رَأَيْتُ الدَّهْرَ لَيْسَ لَهُ

مُعَاتِبٌ؛ وَحْدَهُ يُسْدِي وَنَيَّارُ

لَقَدْ نَعَى ابْنُ نَهِيكٍ لِي أَخَا ثِقَةٍ

كَانَتْ تُرَجَّمُ عَنْهُ قَبْلُ أَخْبَارُ

فَبِتُّ سَاهِرَةً لِلنَّجْمِ أَرْقُبُهُ

حَتَّى أَتَى دُونَ غَوْرِ النَّجْمِ أَسْتَارُ

لَمْ تَرَهُ جَارَةٌ يَمْشِي بِسَاحَتِهَا

لِرِيبَةٍ حِينَ يُخْلِي بَيْتَهُ الْجَارُ

وَلا تَرَاهُ وَمَا فِي الْبَيْتِ يَأْكُلُهُ

لَكِنَّهُ بَارِزٌ بِالصَّحْنِ مِهْمَارُ

وَمُطْعِمُ الْقَوْمِ شَحْمًا عِنْدَ مَسْغَبِهِمْ

وَفِي الْجُدُوبِ كَرِيمُ الْجَدِّ مِيسَارُ

قَدْ كَانَ خَالِصَتِي مِنْ كُلِّ ذِي نَسَبٍ

فَقَدْ أُصِيبَ فَمَا لِلْعَيْشِ أَوْطَارُ

مِثْلُ الرُّدَيْنِيِّ، لَمْ تَدْنَسْ شَبِيبَتُهُ

كَأَنَّهُ تَحْتَ طَيِّ الْبُرْدِ أُسْوَارُ

جَهْمُ الْمُحَيَّا، تُضِيءُ اللَّيْلَ صُورَتُهُ

آبَاؤُهُ مِنْ طِوَالِ السَّمْكِ أَحْرَارُ

مُوَرَّثُ الْمَجْدِ مَيْمُونٌ نَقِيبَتُهُ

ضَخْمُ الدَّسِيعَةِ فِي الْعَزَّاءِ مِغْوَارُ

فَرْعٌ لِفَرْعٍ كَرِيمٍ غَيْرِ مُؤْتَشَبٍ

جَلْدُ الْمَرِيرَةِ عِنْدَ الْجَمْعِ فَخَّارُ

فِي جَوْفِ رَمْسٍ مُقِيمٌ قَدْ تَضَمَّنَهُ

فِي رَمْسِهِ مُقْمَطِرَّاتٌ وَأَحْجَارُ

طَلْقُ الْيَدَيْنِ بِفِعْلِ الْخَيْرِ ذُو فَجَرٍ

ضَخْمُ الدَّسِيعَةِ بِالْخَيْرَاتِ أَمَّارُ

لِيَبْكِهِ مُقْتِرٌ أَفْنَى حَرِيبَتَهُ

دَهْرٌ وَحَالَفَهُ بُؤْسٌ وَإِقْتَارُ

وَرُفْقَةٌ حَارَ هَادِيهِمْ بِمَهْلِكَةٍ

كَأَنَّ ظُلْمَتَهَا فِي الطُّخْيَةِ الْقَارُ

عَبْلُ الذِّرَاعَيْنِ قَدْ تُخْشَى بَدِيهَتُهُ

لَهُ سِلَاحَانِ أَنْيَابٌ وَأَظْفَارُ

لَا يَمْنَعُ الْقَوْمَ إِنْ سَالُوهُ خُلْعَتَهُ

وَلَا يُجَاوِزُهُ بِاللَّيْلِ مُرَّارُ

مَا؟ هَاجَ حُزْنُكِ أَمْ بِالْعَيْنِ عُوَّارُ؟

أَمْ ذَرَّفَتْ أَمْ خَلَتْ مِنْ أَهْلِهَا الدَّارُ؟

عوار: وجع في العين ورمد، وذرَّفت العين الدمع: أسالته. تقول ماذا حدث؟ هل هاجت أحزانك فدمعت؟ أم أن بها رمدا، أم إنها ذرفت؟ أم إن الدار خلت من أهلها؟.

كَأَنَّ عَيْنِي لِذِكْرَاهُ إِذَا خَطَرَتْ

فَيْضٌ يَسِيلُ عَلَى الْخَدَّيْنِ مِدْرَارُ

مدرار: كثير فائض، قال الله تعالى على لسان نبيه نوح فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكمْ إنَّهُ كانَ غَفّارًا. يُرْسِلِ السَّمْاءَ عَلَيْكمْ مِدْرارًا [نوح:10-11]. تقول الشاعرة وعيني عندما أذكر صخرا كأنهما فيض مدرار يسيل على الخدين.

تَبْكِي لِصَخْرٍ هِيَ الْعَبْرَى وَقَدْ وَلِهَتْ

وَدُونَهُ مِنْ جَدِيدِ التُّرْبِ أَسْتَارُ

الوله: شدة الجنون التي تصيب المرء عند الجزع، والعين العبرى: العين الباكية، وامرأة عَبرى أي حزينة، ولعلك تعلم العَبرة وهي الدمعة، وجديد الترب: ما أثير من بطن الأرض. تقول إني أبكي على صخر حتى أصابني الجنون وشدة الجزع ويفصلني عنه أستار من جديد التراب بعدما دفن.

تَبْكِي خُنَاسٌ فَمَا تَنْفَكُّ مَا عَمَرَتْ

لَهَا عَلَيْهِ رَنِينٌ وَهْيَ مِفْتَارُ

تَبْكِي خُنَاسٌ عَلَى صَخْرٍ وَحَقَّ لَهَا

إِذْ رَابَهَا الدَّهْرُ إِنَّ الدَّهْرَ ضَرَّارُ

مفتار: أي أصابها الفتور والضعف، وريب الدهر: صروفه وحوادثه، ورابه الدهر: أصابه بحوادثه.

تقول الشاعرة تبكي خناس ولا تتوقف ما دامت حية، وصارت لها صوت رنين عليه حتى أصابها الضعف.. تبكي خناس ولها حق في هذا البكاء فإن الدهر أصابها بمصاب شديد، والدهر ضرار.

لَا بُدَّ مِنْ مِيتَةٍ فِي صَرْفِهَا غِيَرٌ

وَالدَّهْرُ فِي صَرْفِهِ حَوْلٌ وَأَطْوَارُ

أي: لا مهرب من ميتة في إتيانها تغير وتقلب، وهذه طبيعة الدهر: متحول ومتغير ومتطور.

قَدْ كَانَ فِيكُمْ أَبُو عَمْرٍو يُسُودُكُمُ

نِعْمَ الْمُعَمَّمُ لِلدَّاعِينَ نَصَّارُ

عَمَّم الناس فلانا: أي قلدوه أمورهم وصار سيدهم، والمفعول مُعَمَّم. فهي تقول قد كان بينكم يا قومي صخر أبو عمرو، وهو خير من كان سيدا عليكم، وهو ينصر من يدعوه ويلجأ إليه.

صُلْبُ النَّحِيزَةِ وَهَّابٌ إِذَا مَنَعُوا

وَفِي الْحُرُوبِ جَرِيءُ الصَّدْرِ مِهْصَارُ

النحيزة: الطبيعة، والهَصر: الجذب والشد والكسر، والأسد المهصار هو الذي يكسر فريسته ويشدها، تقول الشاعرة إن صخرا كانت طبيعته صلبة، وكان كريما يهب الناس من ماله عندما يمنع الآخرون العطاء، وجريء الصدر كاسرا لعدوه عند وقت الحرب.

يَا صَخْرُ وَرَّادَ مَاءٍ قَدْ تَنَاذَرَهُ

أَهْلُ الْمَوَارِدِ، مَا فِي وِرْدِهِ عَارُ

ورد الماء: أتى إليه واقترب منه، وما في ورده عار: أي ليس في ترك ورده عار..

كيف ذلك؟ أليس الصحيح ما في عدم ورده عار؟

العرب أحيانا يكنون عن هذا النفي ويحذفونه، كقول المُرَقَّش:

ليس على طول الحياة ندم

ومن وراء المرءِ ما يعلم

فهو يقصد: ليس على عدم طول الحياة ندم على شيء، فطول الحياة يؤدي إلى الهَرَم والضعف.. وعليه نستنتج، أن الشاعرة تقول في ذلك البيت يا صخر الذي تشجعت على ورد ماء قد تناذره الناس وحذروا بشأنه، وليس عارا ترك ورده، أي ليس يعير أحدا أن يعجز عن ورده.

مَشَى السَّبَنْتَى إِلَى هَيْجَاءَ مُضْلِعَةٍ

لَهُ سِلَاحَانِ أَنْيَابٌ وَأَظْفَارُ

السبنتى والسبندى: النمر، والهيجاء هي الحرب، ومضلعة أي شديدة. فهي تشبه أخاها بالنمر قائلة: لقد مشى أخي إلى حرب مضلعة شديدة كنمر سار إلى معركة وليس معه سلاح سوى أنيابه وأظفاره الحادة.

فَمَا عَجُولٌ عَلَى بَوٍّ تُطِيفُ بِهِ

لَهَا حَنِينَانِ إِصْغَارٌ وَإِكْبَارُ

العجول: التي يموت ولدها وهو صغير، والبو: ولد الناقة يذبح ويحشى جلده تبنا وتقرب من أمه حتى تدر عليه لبنا. والحنين: الصوت. فالشاعرة تقول: وإن الناقة التي مات ولدها مبكرا وحشي تبنا وقرب إليها فهي ترفع صوتها حزنا عليه وتخفضه مرة أخرى - ليست بأحزن مني!.

أين قالت ليست بأحزن مني؟ لا أراها أكملت الجملة وتوقفت.

صبرا أيها القارئ، دعها تكمل جملتها في باقي الأبيات.

تَرْتَعُ مَا رَتَعَتْ حَتَّى إِذَا ادَّكَرَتْ

فَإِنَّمَا هِيَ إِقْبَالٌ وَإِدْبَارُ

رتعت: أي رعت وأكلت، تقول الشاعرة: وتلك الناقة تأكل وتشرب عندما تنسى وعندما تتذكر ابنها لا يقر لها قرار فتصير بين ذهاب وإياب (إقبال وإدبار).

لا زالت لم تخبر أن تلك الناقة ليست أحزن منها..

هلا صبرت قليلا أيها القارئ؟ إن التشبيه والتصوير في العصر الجاهلي كان يتميز بالدقة والبراعة، فهي تحاول المبالغة والدقة في تصويرها، فلا تصور نفسها بأي ناقة فحسب، بل تصف المشهد بكامل تفاصيله وأدقها..

لَا تَسْمَنُ الدَّهْرَ فِي أَرْضٍ وَإِنْ رُبِعَتْ

فَإِنَّمَا هِيَ تَحْنَانٌ وَتَسْجَارُ

رُبعت: أصابها مطر الربيع، وتَحْنَان أي تصويت، وسَجَرت الناقة تَسْجَارًا: مدت صوتها. تقول الشاعرة: وتلك الناقة لا تسمن أبدا مهما أكلت ونزل عليها المطر وأنمى مرعاها، فهي دائما في تصويت حزنا على ولدها.

يَوْمًا بِأَوْجَدَ مِنِّي يَوْمَ فَارَقَنِي

صَخْرٌ، وَلِلدَّهْرِ إِحْلَاءٌ وَإِمْرَارُ

وهذا ما كنت تنتظره أيها القارئ.. أوجد: أحزن، تقول الشاعرة: وما تلك الناقة يوما بأحزن مني يوم فارقني صخر ومات، والدهر يتقلب بين الحلو والمر.

وكلمة بِأَوْجَدَ هي خبر المبتدأ عَجُولٌ في البيت الحادي عشر.. فهنا تختم جملتها، وتوضح مقصدها..

يا له من مشهد وتصوير دقيق!

دقة التصوير

دقة التصوير وكثرته من سمات الشعر الجاهلي وشعر صدر الإسلام.. فنرى الشعراء يصورون مشاهد بأدق تفاصيلها، وهذا دليل بالنسبة لي على خصوبة خيال الشعراء حينها.. فما رأيك؟

مثلا يقول كعب بن زهير في مقدمته الغزلية في البردة:

تَجْلُو عَوارِضَ ذي ظَلْمٍ إذا ابْتَسَمَتْ

كأنَّهُ مُنْهَلٌ بالرَّاحِ مَعْلُولُ

شُجَّتْ بِذي شَبَمٍ مِنْ ماءِ مَحنِيةٍ

صافٍ بأَبْطَحَ أضْحَى وهْوَ مَشْمولُ

تَنْفِي الرِّياحُ القَذَى عَنْهُ وأفْرَطُهُ

مِنْ صَوْبِ سارِيَةٍ بِيضٌ يَعالِيلُ

وبغض النظر عن الكثير من المفردات الغريبة في تلك الأبيات التي لا أريد شرحها حتى لا أعقد هذه القصاصة، فإن الشاعر يشبه ريق حبيبته وهو طعم قُبلتها بخمر شُربت المرة الأولى مُنهل ثم المرة الثانية معلول، خلطت تلك الخمر بماء بارد من منعطف الوادي، ماء صافٍ ضربته رياح الشمال الباردة مشمول، ثم أخرجت الرياح منه القذى والتراب، وملأته سحب ممطرة ليلا نفاخة للمطر يعاليل..

وفي نفس القصيدة ينتقل الشاعر لمدح الرسول ، فيشبه الرهبة في مجلسه أمام الرسول بمشهد آخر فيقول:

لَذاكَ أَهْيَبُ عِنْدي إذْ أُكَلِّمُهُ

وقيلَ: إنَّكَ مَنْسوبٌ ومَسْئُولُ

مِنْ خادِرٍ مِنْ لُيوثِ الأُسْدِ مَسْكَنُهُ

مِنْ بَطْنِ عَثَّرَ غِيلٌ دونَهُ غيلُ

يَغْدو فَيُلْحِمُ ضِرْغامَيْنِ عَيْشُهُما

لَحْمٌ مَنَ القَوْمِ مَعْفورٌ خَراديلُ

إِذا يُساوِرُ قِرْنًا لا يَحِلُّ لَهُ

أنْ يَتْرُكَ القِرْنَ إلاَّ وَهْوَ مَفلُولُ

مِنْهُ تَظَلُّ سَباعُ الجَوِّ ضامِزَةً

ولا تَمَشَّى بَوادِيهِ الأراجِيلُ

ولا يَزالُ بِواديهِ أخُو ثِقَةٍ

مُطَرَّحَ البَزِّ والدَّرْسانِ مَأْكولُ

أي: إن جلوسي أمام الرسول وأنا منسوب إليّ هجاء ومسئول عنه أهيب عندي من جلوسي أمام أسد خادر مسكنه في بطن مساكن الأسود في عَثَّرَ، يصبح الأسد فيطعم شبليه لحما مقطعا من القوم، أسد لا يترك خصما إلا وخصمه مهزوم، أسد تخاف من بأسه الصقور والجوارح ولا تمشي بواديه حيوانات راجلة، وإذا مشى الرجل الشجاع الواثق بنفسه ذو السلاح والدرع بواديه فإنه لا يخرج إلا مأكولا..

فما رأيك في مشاهد التصوير في الشعر الجاهلي وصدر الإسلام.. هل تعجبك أم تراها معقدة؟

فما عجول على بو تطيف به لها حنينان إعلان وإسرار

وَإِنَّ صَخْرًا لَكَافِينَا وَسَيِّدُنَا

وَإِنَّ صَخْرًا إِذَا نَشْتُو لَنَحَّارُ

نَحَر الناقة: ذبحها من النَحْر، وهو أعلى الصدر، قال الله تعالى فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانْحَرْ [الكوثر:2] فسرها البعض: صل لربك واذبح له ذبيحتك نسكا له وحده. تقول الشاعرة: وإن صخرا لهو من يحمينا وهو سيدنا، وهو من ينحر ماشيته ليطعمنا أثناء جوع الشتاء.

وَإِنَّ صَخْرًا لَمِقْدَامٌ إِذَا رَكِبُوا

وَإِنَّ صَخْرًا إِذَا جَاعُوا لَعَقَّارُ

عَقَر الناقة: ذبحها، يقول الله عن ناقة نبيه صالح فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوّاها [الشمس:14]. تقول الشاعرة: وإن صخرا لرجل مقدام شجاع إذا ركبوا خيولهم استعدادا للحرب، وإن صخرا يعقر ماشيته عندما يجوع قومه ويطعمهم كرما منه.

وَإِنَّ صَخرًا لَتَأتَمَّ الهُداةُ بِهِ

كَأَنَّهُ عَلَمٌ فِي رَأْسِهِ نَارُ

تأتَمّ بالشيء: تهتدي به، والعَلَم: الجبل، قال الله تعالى وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ [الرحمن:24]، أي: وله السفن الجاريات في البحر كأنها الجبال.

النار على العلم

لعلك سمعت المثل الشعبي مثل النار على العلم والذي يعني: مثل النار على قمة الجبل يراها جميع السائرين ليلا. وهذا المثل يشبه البيت السابق الذي قالته الخنساء في رثاء أخيها صخر:

وَإِنَّ صَخرًا لَتَأتَمَّ الهُداةُ بِهِ

كَأَنَّهُ عَلَمٌ في رَأسِهِ نارُ

وأصل هذا أن العرب المسافرون ليلا كانوا إذا رأوا نارا بعيدة استدلوا بها على وجود ناس هناك فساروا إليها وطلبوا الضيافة من أهلها...

فضرب العرب المثل في الكرم لمن لا يخمد النار ولا يستثقل الضيوف، فمثلا يقول السموأل فخرا:

وَما أُخمِدَت نارٌ لَنا دونَ طارِقٍ

وَلا ذَمَّنا في النازِلينَ نَزيلُ

أي: لا نخمد النار لنبعد عنا الطارقين والنزلاء، ولا يذمنا ضيف أو نزيل بالبخل. والعكس صحيح، إذ ضرب المثل في البخل بمن يخمد النار خوفا من أن يأتيه الضيوف المسافرون، مثل ما أنشده الأخطل في الهجاء يصف قوما بالبخل:

قومٌ إذا استنبحَ الأضيافُ كلبهُمُ

قالوا لأمّهِمِ: بُولي على النّارِ

فتُمْسِكُ البَوْلَ بُخْلًا أنْ تجودَ بهِ

وما تبولُ لهم إلا بمقدارِ

استنبح الكلب: جعله ينبح

أي: إنهم قوم إذا سمعوا الكلب ينبح على ضيف بعيد، خافوا أن يأتي إليهم ويطلب الضيافة فيقولون لأمهم: بولي على النار لتطفئيها، فتبول لهم بالمقدار الذي يطفئ النار ولا تجود لهم به.

وإن صخرا لتأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار

جَلْدٌ جَمِيلُ الْمُحَيَّا كَامِلٌ وَرِعٌ

وَلِلْحُرُوبِ غَدَاةَ الرَّوْعِ مِسْعَارُ

والجَلَد أظنك تعلمه، وهو قوة التحمل والصبر، والْمُحَيَّا: الوجه.

والسَعْر هو تهييج النار وإيقادها، ونقول سعر فلان النار يَسْعَرُها سَعرا: أي هيجها، ولهذا سمى الله تعالى النار في القرآن سعيرا لأنها مسعورة موقدة أعاذنا الله منها. ومثلها سَعَر الرجل الحرب: أوقدها وأشعلها، وهذا المقصود من البيت.

تقول الشاعرة: وإن صخرا كان صابرا جلدا، جميل الوجه كامل الصفات وَرِعًا، وكان مسعارا للحروب عندما تقوم فيشعلها ويهيجها.

نَحّارُ راغِيَةٍ مِلجاءُ طاغِيَةٍ

فَكّاكُ عانِيَةٍ لِلعَظمِ جَبّارُ

الراغية: الناقة، والعاني: الأسير، قال رسول الله أَطْعِمُوا الجَائِعَ، وعُودُوا المَرِيضَ، وفُكُّوا العَانِيَ، وسُمي كذلك لعنائه ومشقته، وجَبَر العظم: عالجه، وصيغة المبالغة جَبَّار. تقول الشاعرة وقد كان صخر ينحر ناقته ليطعم أهله، وكان ملجأ للهاربين المحتمين من ظالم طاغية، وكان يفك العاني والأسير ويطلقه، وكان يعالج العظم المكسور ويجبره.

حَمَّالُ أَلْوِيَةٍ هَبَّاطُ أَوْدِيَةٍ

شَهَّادُ أَنْدِيَةٍ لِلْجَيْشِ جَرَّارُ

والأندية: أماكن اجتماع الناس، تقول الشاعرة: وإن صخرا كان حمال ألوية قومه، وكان يهبط بالأودية ويسيطر عليها، وكان يشهد أنديتهم واجتماعاتهم، وكان يجر الجيش جرا وراءه قيادته.

فَقُلْتُ لَمَّا رَأَيْتُ الدَّهْرَ لَيْسَ لَهُ

مُعَاتِبٌ؛ وَحْدَهُ يُسْدِي وَنَيَّارُ

الكلمتان يُسدي ونَيَّار بينهما تضاد، فنقول يُسدي الثوب: أي يمد خيوطه، ويَنِير الثوب: أي يلحم خيوطه ويجمعها. والشاعرة تقصد أنها رأت الدهر يجري بشأنه وحده، فيفك أمورا تارة ويبرمها تارة دون أن يلين لعاتب، فقالت..👇

لَقَدْ نَعَى ابْنُ نَهِيكٍ لِي أَخَا ثِقَةٍ

كَانَتْ تُرَجَّمُ عَنْهُ قَبْلُ أَخْبَارُ

وابن نَهيك يبدو أنه اسم رجل، وتُرَجَّم الأخبار: أي تُنقل بظن وتخمين دون يقين، تقول الشاعرة وقد قلت لما رأيت الدهر يجري في أموره كما يشاء فيفك ويبرم وحده ولا يطيع عاتبا: لقد نعى ابن نهيك لي أخي صخر وكان أخي الذي أثق به وأعتمد عليه، وقد كان قبل ذلك تُنقل عنه أخبار ظنية ليست يقينية.

فَبِتُّ سَاهِرَةً لِلنَّجْمِ أَرْقُبُهُ

حَتَّى أَتَى دُونَ غَوْرِ النَّجْمِ أَسْتَارُ

غار الشيء في الأرض غَوْرًا: أي صار في عمقه وقعره، وغَور الشيء قعره. قال الله تعالى قُلْ أرَأيْتُمْ إنْ أصْبَحَ مْاؤُكمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكمْ بِمْاءٍ مَعِينٍ [الملك:30]، أي: إن صار مائكم غائرا تحت الأرض من سيأتيكم بماء معين مرئي على الأرض غير الله؟

والشاعرة تقول: وعندما نعوا لي صخرا بت ساهرة أرقب النجم آملة أن يأتي صخر، حتى أتت الأستار والغيوم وحجبت عني النجم وجعلته غائرا.

وربما تقصد بالنجم أخاها صخرا، فيكون المعنى فبت ساهرة أنتظر أن يأتي صخر ويكذب تلك الأخبار، حتى جاء التراب وستره عني وجعله غائرا في الأرض.

لَمْ تَرَهُ جَارَةٌ يَمْشِي بِسَاحَتِهَا

لِرِيبَةٍ حِينَ يُخْلِي بَيْتَهُ الْجَارُ

وَلا تَرَاهُ وَمَا فِي الْبَيْتِ يَأْكُلُهُ

لَكِنَّهُ بَارِزٌ بِالصَّحْنِ مِهْمَارُ

مهمار: مُكثر مُكرم، والشاعرة تقول: لم تره قط جارة له يمشي بساحة بيتها لنية مريبة عندما يرحل جاره عن بيته، كما أنك لا تراه يأكل ما في البيت، لكنه عندما يضيف أحدا يبرز معه ويأكل ويكثر الطعام بالصحن حتى لا يجد الضيف حرجا من الأكل.

وَمُطْعِمُ الْقَوْمِ شَحْمًا عِنْدَ مَسْغَبِهِمْ

وَفِي الْجُدُوبِ كَرِيمُ الْجَدِّ مِيسَارُ

مسغبهم: جوعهم، قال الله تعالى ومْا أدْراكَ مْا العَقَبَةُ. فَكُّ رَقَبَةٍ. أوْ إطْعامٌ في يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ [البلد:12-14]، والجَدب: انقطاع الماء والمطر والجمع جُدوب، والجَدّ: الرزق، ومن أمثلة ذلك من أدعية ما بعد الصلاة اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجَد منك الجَدّ، أي: ذو المال والرزق لا ينفعه ماله ورزقه منك، بل ينفعه عمله ورضاك فحسب.

وقولها كريم الجَدّ أي كريم العطاء، ومِيسار: يسير اليد كثير العطاء، تقول الشاعرة وصخر هو الذي كان يطعم قومنا شحما عند جوعهم، وكان في أوقات الجدوب وانقطاع المطر- كريما لا يبخل بما لديه من طعام ومال.

قَدْ كَانَ خَالِصَتِي مِنْ كُلِّ ذِي نَسَبٍ

فَقَدْ أُصِيبَ فَمَا لِلْعَيْشِ أَوْطَارُ

كان خالصتي: أي كان ما يكفيني ويخلص له ودي، والأوطار: الحاجات، والمفرد وطر. تقول الشاعرة: لقد كان صخر ما يكفيني ويخلص له ودي، حتى أصيب بالموت فلم يعد للحياة بالنسبة لي أي حاجات أو لذات.

مِثْلُ الرُّدَيْنِيِّ، لَمْ تَدْنَسْ شَبِيبَتُهُ

كَأَنَّهُ تَحْتَ طَيِّ الْبُرْدِ أُسْوَارُ

الرُّدَيْنِيِّ: رمح منسوب إلى ردينة، وهي امرأة معروفة بعملها في تقويم الرماح، والشبيبة: أول الشباب، والبردة: هي العباءة، ثم تشبه ضمور بطنه ونحفها بإسوار ذهب أو فضة، فتقول وإن صخرا كان قويا كالرماح التي كانت تقومها ردينة، ولم يستقبل شبابه بدنس وأفعال قبيحة، وكان تحت بردته نحيفا غير سمين مثل نحفه كأسوار ذهب.

جَهْمُ الْمُحَيَّا، تُضِيءُ اللَّيْلَ صُورَتُهُ

آبَاؤُهُ مِنْ طِوَالِ السَّمْكِ أَحْرَارُ

جهم الوجه: أي عبوس باسر، وهي تقصد أن أخاها كان عبوسا في وجه أعدائه يخيفهم، وطوال السَّمك: أي طوال القامة، تقول الشاعرة وكان صخر عبوس الوجه أمام أعدائه فيخيفهم بذلك، وكان وجهه مشرقا جميلا يضيء ظلام الليل، وكان آباؤه من الكرام الأحرار علاة المكانة طوال القامة.

مُوَرَّثُ الْمَجْدِ مَيْمُونٌ نَقِيبَتُهُ

ضَخْمُ الدَّسِيعَةِ فِي الْعَزَّاءِ مِغْوَارُ

ميمون: أي مبارك، والنقيبة: الطبيعة والأخلاق، والدسيعة: الطبيعة والخلق الحسن، والعَزَّاء: الشدائد، ومغوار: أي شجاع، تقول الشاعرة إن صخرا ورث مجده وسيرته الحسنة لمن بعده، وكان مبارك النفس والطبيعة، وكانت أخلاقه عظيمة شريفة، وكان في الشدائد شجاعا مغوارا.

فَرْعٌ لِفَرْعٍ كَرِيمٍ غَيْرِ مُؤْتَشَبٍ

جَلْدُ الْمَرِيرَةِ عِنْدَ الْجَمْعِ فَخَّارُ

فرع القوم: شريفهم وسيدهم، ومؤتشب: مختلط، والمريرة: هي العزيمة وعزة النفس، تقول الشاعرة وصخر كان سيد قوم من عائلة وفرع كريم، لم يختلط أنسابهم بغيرهم، قوي العزيمة، يفخر ببطولاته عند اجتماع الناس.

فِي جَوْفِ رَمْسٍ مُقِيمٌ قَدْ تَضَمَّنَهُ

فِي رَمْسِهِ مُقْمَطِرَّاتٌ وَأَحْجَارُ

الرمس: هو القبر، ويقال ارمس هذا الحديث أي ادفنه، وتدعى الرياح التي تدفن الآثار روامس.. أما المقمطرات: فهي الأحجار الصلبة الشديدة، ويقال يوم قمطرير أي يوم شديد صعب، قال الله تعالى على لسان عباده المؤمنين إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا یَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِیرًا [الإنسان:10].

تقول الشاعرة: والآن صار صخر في جوف قبر مقيم تضمنه، ومعه في جوفه الصخور الشديدة الكبيرة والأحجار الصغيرة.

طَلْقُ الْيَدَيْنِ بِفِعْلِ الْخَيْرِ ذُو فَجَرٍ

ضَخْمُ الدَّسِيعَةِ بِالْخَيْرَاتِ أَمَّارُ

لقد كررت نفس العبارة ضخم الدسيعة لم ذلك؟

لعلها قالت ضخم الدسيعة مرة واحدة، ولكن تكررت بعد نقل ورواية القصيدة رجلا بعد آخر حتى وصلت لنا مكررة، ولعلها كررتها فعلا تأكيدا لما تقول، لا ندري.. المهم، الفَجَر: هو العطاء والجود والمعروف، وهو مخالف للمعنى الذي قد يكون جاء بذهنك وهو الفجور والخوض في المعاصي، فتقول الشاعرة وإن صخرا كانت يده طلقة بالخير والعطاء والمعروف، أخلاقه عظيمة شريفة، يأمر قومه بالخير والمعروف.

لِيَبْكِهِ مُقْتِرٌ أَفْنَى حَرِيبَتَهُ

دَهْرٌ وَحَالَفَهُ بُؤْسٌ وَإِقْتَارُ

هل تعلم من المقتر وما الإقتار؟ ما دليلك من القرآن الكريم؟

الحريبة: المال الذي يعيش به الإنسان، تقول الشاعرة فليبك على صخر- الفقيرُ الذي ضاق عيشه وأفنى ماله الذي يعيش عليه، وتحالف عليه الدهر مع البؤس وضيق العيش، إذ لن يجد من يعطيه ويكرمه مثل صخر.

وَرُفْقَةٌ حَارَ هَادِيهِمْ بِمَهْلِكَةٍ

كَأَنَّ ظُلْمَتَهَا فِي الطُّخْيَةِ الْقَارُ

الطخية: الغيوم الرقيقة التي تحجب النجوم فيتحير هادي الطريق، تقول الشاعرة وليبك أيضا على صخر- جماعةٌ من المسافرين تحير هاديهم بصحراء مهلكة بسبب الغيوم التي حجبت النجوم، فجعلت سواد الليل كسواد القار، فهم لن يجدوا من ينقذهم ويضيفهم ويعينهم في محنتهم هذه مثل صخر.

عَبْلُ الذِّرَاعَيْنِ قَدْ تُخْشَى بَدِيهَتُهُ

لَهُ سِلَاحَانِ أَنْيَابٌ وَأَظْفَارُ

عبل: صلب غليظ، وهذا أيضا - إن لاحظت - بيت مكرر عن البيت مَشَى السَّبَنْتَى إِلَى هَيْجَاءَ مُضْلِعَةٍ * لَهُ سِلَاحَانِ أَنْيَابٌ وَأَظْفَارُ، وقد يكون التكرار لنفس السبب الذي ذكرناه سابقا.. تقول الشاعرة في هذا البيت وصخر كان صلب الذراعين يخشى عدوه من بديهته وسرعته ومفاجأته، سلاحه أظفاره وأنيابه.

لَا يَمْنَعُ الْقَوْمَ إِنْ سَالُوهُ خُلْعَتَهُ

وَلَا يُجَاوِزُهُ بِاللَّيْلِ مُرَّارُ

خلعته: ثوبه، تقول الشاعرة وصخر لا يمنع أحدا أن يأخذ ثوبه إذا طلب منه أحد هذا، ولا يمر به ضيف ليلا مسافر إلا أكرمه ولم يدعه يتجاوزه.

لقد كررت الشاعرة الحديث عن كرمه وجوده، وأظنها صادقة في قولها، ما أجمل السيرة الحسنة بعد الموت..

عد لبداية القصيدة واقرأها كاملة.. انظر هل صرت تفهمها كاملة أم لا

☕️ استراحة..
هات قهوتك وتعال نتناقش قليلا

يقول عمرو بن كلثوم في معلقته:

فَمَا وَجَدَتْ كَوَجْدِي أُمُّ سَقبٍ

أَضَلَّتْهُ فَرَجَّعتِ الحَنِيْنَا

سَقب: ابن الناقة

فيقول لم تجد كوجدي ناقة أضلت ولدها فظلت تردد حنينها.

ما معنى الوجد هنا؟الإجابة

وما معنى الحنين هنا؟الإجابة

اشرح البيت بأسلوب بسيط سهل الفهم، مع العلم بأن الشاعر يتحدث عن فراقه عن حبيبته.

يقول عنترة بن شداد في معلقته:

وَحَشِيّتِي سَرْجٌ على عَبْلِ الشَّوَى

نَهْدٍ مَرَاكِلُهُ نبيلِ الْمَحْزِمِ

حشيّةٍ: فِراش

الشوى: الأطراف والقوائم

نَهد: ضخم

نبيل: سمين

المَحزم: مكان الحزام

فيخبر أن فراشه هو ظهر خيله عبل الأطراف ضخم الأرجل الراكلة سمين البطن.

ما معنى عَبل الأطراف؟ اشرح البيت بأسلوب أسهل من أسلوبي 🙂الإجابة

يقول عنترة في قصيدة منسوبة له:

إِذا الريحُ هَبَّت مِن رُبى العَلَمِ السَعدي

طَفا بَردُها حَرَّ الصَبابَةِ وَالوَجدِ

رُبى: جمع رابية، وهي الأرض المرتفعة

الصبابة: الشوق

لن أسألك عن الوجد مجددا، ولكن ما معنى العلم هنا؟ وما دليلك من القرآن الكريم؟الإجابة

يقول أحمد شوقي في الغزل:

أذعَنَ للحُسنِ عصيُّ العِنانْ

وحاولتْ عيناك أمرًا فكانْ

يعيش جفناك لبثِّ المُنى

أو الأسى في قلبِ راجٍ وعانْ

أَذعن: خضع

ما معنى عانٍ؟ وما معنى البيت؟الإجابة

أذعن تعني خضع، فابحث هل ذكرت تلك الكلمة في القرآن الكريم؟ ما معنى تلك الآية؟

يقول الأعشى في مقدمته الغزلية:

قَد نَهَدَ الثَديُ عَلى صَدرِها

في مُشرِقٍ ذي صَبَحٍ نائِرِ

لَو أَسنَدَت مَيتًا إِلى نَحرِها

عاشَ وَلَم يُنقَل إِلى قابِرِ

حَتّى يَقولُ الناسُ مِمّا رَأوا:

يا عَجَبا لِلمَيِّتِ الناشِرِ

نهد: برز

صَبَح: لمعان الحديد والذهب والحلى

نائر: مشرق

ناشر: عاش بعد موته، ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ [عبس:22]

ما النحر؟ وما معنى البيت؟الإجابة

أين ذكر النشور في آية أخرى بمعنى الحياة بعد الموت؟